وختم عياش بأن التنمية المحلية حاجة وضرورة تفرضها الظروف الراهنة للمساعدة في سرعة التعافي.. وأدواتها الرئيسة هي الإدارة المحلية المتمثلة بالمجالس المحلية المنتخبة، والتشاركية المجتمعية، واللامركزية الإدارية والمالية.
التطبيق لم يكن على المستوى المأمول
عضو مجلس الشعب والمحامي غالب عنيز، أكد أن تجربة الإدارة المحلية جاءت مع الحركة التصحيحية التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، وتطورت قضايا الإدارة المحلية بشكل كبير خلال العقود الماضية حتى وصلنا إلى قانون كنا نصبو إليه في عام ٢٠١١.
وفيما يتعلق بتطبيق هذا المرسوم التشريعي أكد أن هناك إشكالات حدثت خلال تطبيقه، موضحاً أنه من خلال متابعته لثلاث دورات في مجلس الشعب ومجالس المحافظة وجد أن التطبيق لم يكن على المستوى المأمول منه، لعدة أسباب أهمها أن هذه التجربة بالأصل أخذت من دول أخرى، مشيراً إلى أن الفرق بيننا وبين هذه الدول الكثير من الأمور التي لا يمكن مقارنتها بسورية وجاء قانون الإدارة المحلية ليحل محل القانون السابق، وهنا بدأت الإيجابيات وكذلك السلبيات، ومن ضمن السلبيات (علماً أن الإيجابيات واضحة وموجودة) إلا أن السلبيات يجب النظر فيها لمعالجتها وإيجاد الحلول لها، مشيراً إلى أنه والحديث هنا عن السلبيات كنا نأمل الفصل بين المحافظ ومجلس المحافظة وهذا ما حدث فعلاً لأنه لأول مرة يكون المحافظ وفق القانون الجديد رئيساً منتخباً من أعضاء المجلس لكن قضية المحسوبيات والولاءات بقيت هي المؤثرة لجهة تعيين أعضاء مجلس إدارة المحافظة.
وذكر عنيز مثلاً بأنه كنا قد طالبنا فيما يتعلق بموضوع المدارس، بإيجاد حل لاستثمار المدارس بعد الدوام الرسمي لاسيما للطلاب المنقطعين وغيرها من الحالات التي لها علاقة بالتعليم، والنتيجة أن هذا الموضوع تم رفضه تحت ذريعة الحرص على المدارس العامة واليوم نرى العكس تماماً وكانت هناك خطة لأن تسلم المدارس العامة للقطاع الخاص لاستملاكها كاملة وليس جزئياً كما طالبنا، وللأسف سياسة تخصيص التعليم موجودة ولمصلحة من لا أحد يعلم !!! وكذلك سياسة تخصيص الكهرباء وموضوع الأمبيرات؟؟!
هذا وغيره من الأسباب أدت إلى ضعف الكوادر وضعف المبادرات ضمن عدم إمكانية المتابعة ولا أحد يبدي رأيه أو يقدم أي نقد بنّاء كما وجهنا السيد الرئيس بشار الأسد، ومن يقدم رأيه يُحارب، الأمر الذي يؤكد أننا بحاجة إلى لقاءات وحوارات نوعية.
ويرى عنيز أن تعزيز موقع العمل في الإدارة المحلية يتطلب تشكيل لجان قانونية وأخرى هندسية وإدارية قادرة على تعديل قانون الإدارة المحلية بما ينسجم مع الظروف والأوضاع الراهنة، إضافة إلى ضرورة تعديل مدة المكاتب التنفيذية في الانتخابات بحيث لا تبقى طوال فترة الدورة الانتخابية وإنما كل سنتين.. وكذلك أعضاء مكتب المجلس بمن فيهم رئيس المجلس يجب أن ينتخب سنوياً كما هي الحال في مجلس الشعب .. إضافة لذلك لا بد أن يعاد النظر بموضوع الانتخابات بحيث تكون من دون تدخل أو محسوبيات لأن هذا الأمر يعد أساساً في ابتعاد المجالس المحلية عن الشعب وابتعاد ممثل المجلس عن ناخبيه ما أدى إلى المزيد من تدهور عمل العديد من المجالس المحلية.
وأشار عنيز إلى أن هناك مبادرات كثيرة لكن معظمها تبوء بالفشل لأنه لا يوجد دعم حقيقي لها، إذاً لا بد من إعادة النظر والسعي نحو الكفاءات وعدم تهميشها وعدم إبعادها عن المجالس المحلية، والأمر الأهم أن هناك الكثير من الخدمات مغيبة والأراضي المهملة وغير المستخدمة، لذلك لا بد من تضافر الجهود وتفعيل العمل الحيوي لهذه المجالس للوصول إلى الغاية المرجوة من قانون الإدارة المحلية بحيث يكون هناك استقلال بالوحدات الإدارية واختيار سليم لهذه الوحدات لتعزيز الوعي والثقة لهذه المجالس.. صحيح أن ذلك يحتاج إلى وقت لكن أن تصل متأخراً خير من ألا تصل”..
مخالفات وتجاوزات
المحامي والباحث الاقتصادي الدكتور عمار اليوسف أوضح أن قانون الإدارة المحلية الموجود حالياً غير قابل للتطبيق لأنه وضع لبلد مثل سويسرا، مبيناً أنه لا يتماشى مع الأوضاع الموجودة في سورية وكان من المفترض أن يراعي القانون الحالة الخصوصية للبلد.
وأشار اليوسف إلى أن هناك الكثير من التجاوزات والمخالفات تحدث في مجالس المحافظة والتي تندرج ضمن منظومة الفساد الموجودة، لافتاً إلى أنه من يريد تطبيق القوانين ولاسيما لجهة المخالفات الخاصة بالبناء والبلديات وغيرها يحارب من أعضاء مجلس المحافظة أو من المتنفذين في /مافيا العقارات/، مشيراً إلى معظم القائمين على مجالس المحافظة آخر همهم خدمة المواطن، لافتاً إلى أن التجارب أثبتت أن المجالس إما أن تكون تابعة لشخص ذي شخصية قوية اعتبارية أو ذي ملاءة مالية أو تكون هذه المجالس معطلة والواقع يؤكد ذلك.
والمشكلة الأهم – حسب اليوسف – هي التخبط في التعامل مع الموارد الموجودة، مبيناً أنه لا توجد آلية صحيحة للاستغلال واستثمار الموارد بشكلها الصحيح، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في قانون الإدارة المحلية وإعادة هيكلته وتعديله، بحيث يتناسب مع الوضع الحالي ويتم التركيز على أن تكون هناك صلاحيات مطلقة للقائمين على التنفيذ بحيث يتم تحديد المسؤوليات وحصرها بشخص ما، لا يكون منتخباً بل يتم تعيينه كما كان في السابق (أي العودة إلى العملية المركزية).
يوسف أكد أن كل التجارب أتثبتت أن الفشل موجود مادام الأمر عاماً والموارد عامة ولا تدار بالشكل الصحيح وحتى الرشاوى والمخالفات تخضع للمحسوبيات، معتبراً أن الحل الآخر يتطلب تحسين وضع الموظف والقائمين على البلديات والمجالس وغيرهم.. عندها نستطيع أن نطبق قانون الإدارة المحلية ونجزي عائداته بالشكل الصحيح التي هي بالأساس فيها منفعة للجميع من حكومة ومؤسسات ومواطنين.
تشرين
المصدر:
http://www.syriasteps.net/index.php?d=127&id=196200