نوايا بـ30 مليار دولار
في
مراجعة لأهمّ المشاريع الاستثمارية الخليجية التي أبصرت النور، أو كانت
قيد التنفيذ قبل عام 2011، يتبيّن أن المشاريع ذات التكلفة الكبيرة، توزّعت
على 3 قطاعات رئيسة هي: السياحة، العقارات، المصارف والخدمات المالية.
وهذا ربّما عائد إلى سببيَن: الأوّل، أن هذه القطاعات ظلّت مغلقة لسنوات
طويلة أمام الاستثمارات الخاصة الكبرى؛ والثاني، المردوديّة السريعة
للاستثمار فيها، وتدنّي نسب مخاطرها مقارنة بقطاعات أخرى كالصناعة والطاقة
وغيرهما. ومع غياب إحصاء دقيق لإجمالي الاستثمارات الخليجية تبعاً لجنسية
المستثمرين وقطاعات الاستثمار، فإنه من الصعب الحُكم عليها لجهة نسبة
مساهمتها من إجمالي تدفّقات الرأسمال الأجنبي المباشر على سوريا قبل عام
2011، ومن إجمالي الاستثمارات الموظّفة عموماً من قِبَل القطاع الخاص
المحلّي والخارجي. وما هو متاح إلى الآن، لم يتعدَّ مسح الاستثمار الأجنبي
الذي جرى في عام 2009، وشمل 178 منشأة استثمارية منفَّذة قبل عام 2008. وقد
خلصت نتائجه إلى وجود استثمارات تعود إلى خمس دول خليجية من بين 33 دولة،
تتقدّمها السعودية بحوالي 77.8 مليون دولار، ثمّ الكويت بحوالي 25.6 مليون
دولار، فالإمارات العربية المتحدة ثالثاً بحوالي 21.3 مليون دولار، وأخيراً
البحرين بحوالي 6.4 ملايين دولار. وعليه، فإن إجمالي ما تمّ رصده من
استثمارات خليجية، يشكّل ما نسبته 10.6% من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي
المسجَّل، وفق نتائج المسح المذكور.
الأولوية تبدو اليوم لمناقشة مصير المشاريع والعقود الاستثمارية الموقّعة قبل عام 2011
ثلاثة عوامل مؤثرة
قبل
الحديث عن فرص دمشق في استقطاب استثمارات خليجية جديدة في ضوء تحسّن
العلاقات السياسية، فإن الأولوية تبدو اليوم لمناقشة مصير أو فرص متابعة
العقود الاستثمارية الموقّعة قبل عام 2011، وما يتطلّبه ذلك من إجراءات
وخطوات خاصة، من بينها دراسة الفائدة التي يمكن أن تجنيها البلاد في هذه
المرحلة من إكمال تنفيذ مشاريع عقارية وسياحية وتجارية، تستهدف شريحة
اجتماعية معيّنة، فيما الحاجة ضاغطة لتوسيع دائرة الاستثمار في القطاعات
الإنتاجية. وبحسب ما يعتقد الاستشاري الاقتصادي، سعد بساطة، فإنه «من
الضروري حصر كلمة الاستثمارات الخليجية وعدم تركها "فضفاضة". فالعلاقات
السورية - الخليجية المعوّل عليها حالياً، يُقصد بها علاقات سوريا مع كلّ
من السعودية، الإمارات، وسلطنة عمان. وعليه، فإن الشركات القطرية التي كانت
قبل عام 2011 تتهيّأ للاستثمار في دمشق والساحل لن تعود في الوقت الحالي
أو المنظور». ويضيف بساطة، أن «أيّ مراقب للشأن
الاقتصادي، لا يتوقّع أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، لكن التقارب
السياسي البطيء والمتمثّل في إعادة العمل بالسفارات، سوف يتبعه انفتاح
اقتصادي بطيء، وبشروط من كلا الطرفين».
عملياً، ثمّة 3 عوامل ستكون لها
الكلمة الفصل في مصير الاستثمارات الخليجية ومستقبلها: أولاها العقوبات
الأميركية الواسعة والمتنوّعة المفروضة على سوريا، والتي يدور جدل قانوني
واسع حولها، وخصوصاً ربطاً بالمشاريع التي نُفّذت، أو كانت قيد التنفيذ قبل
عام 2011. وعن هذا الجدل القانوني، يقول المحامي نعيم آقبيق، الباحث في
القانون الدولي إن «المشاريع الاستثمارية العربية والأجنبية
الموجودة في سوريا قبل عام 2011، نُفّذت أو رُخّصت بموجب عقود موقَّعة مع
مؤسّسات حكومية سورية، وهذه العقود تحدّد بوضوح واجبات والتزامات وحقوق
جميع الأطراف، وبالتالي هي واجبة التنفيذ. لكن كما في كلّ العقود، فإن هناك
ما يسمّى بالظروف الطارئة التي يمكنها أن تخفّف من التزامات الشركات أو
الجهات المتعاقدة، إنّما البتّ في هذه النقطة يحتاج إلى دراسة قانونية
دقيقة لما تضمّنته عقود المشاريع المشار إليها». ويضيف آقبيق أن «جزءاً ليس
بالقليل من الاستثمارات الخليجية دخل البلاد قبل عام 2011، رغم وجود
عقوبات أميركية فُرضت بموجب قانون "محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان"،
ولذلك فإنه يمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول التي تمكّنت من التحايل على
العقوبات الغربية، ولا سيما في جانب التحويلات المالية والمصرفية».
المصدر:
http://www.syriasteps.net/index.php?d=131&id=195451