سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:15/09/2025 | SYR: 21:55 | 15/09/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 كيف فشلنا في إدارة البقر
14/04/2022      



سيرياستيبس:

أولاً أنا اتحدث فعلاً عن البقر، كجزء من الثروة الحيوانية في سورية، لا عن الإدارة بشكل عام لباقي القطاعات، عندما نتحدث في سورية وحتى قبل الحرب عن فشل التخطيط، وفشل الإدارة، وفشل التشريعات الاقتصادية في تحفيز الاقتصاد السوري المثبط، كنت اذكر لهم مثلاً، أن القطاع الاقتصادي الناجح الوحيد في سورية، هو قطاع تربية الأغنام، لأن الدولة بعيدة عنه بقراراتها الاقتصادية، فالبدو في سورية لهم معادلة اقتصادية عجيبة، وهي "رأس غنم مقابل كل مواطن سوري" ومن يتابع إحصاءات الثروة الحيوانية في سورية، يكتشف هذه المعادلة بسهولة، 7 ملايين رأس غنم في إحصاء السبعين، يعادل 7 ملايين سوري، و23 مليون رأس غنم تم احصاءه في العام 2010 مقابل الإعلان عن وصول السوريين الى 23 مليون سوري ، وأثناء الحرب انخفض عدد رؤوس الأغنام طرداً مع تعداد السوريين الذي انخفض، اليوم عاد 18 مليون حسب التصريحات الرسمية ومع معرفتنا ان كل رأس غنم ثمنه ما يعادل 100 دولار، يكون لدى البدو ثروة تعادل 1.8 مليار دولار، هذا دون احتساب ان كل سنة القطيع ينمو حوالي 20 بالمئة، ولم نحتسب الدخل الناتج عن حليب الأغنام ومنتجاته... نعود الى السوريين والابقار، عندما يشتكي بعض المسؤولين من الحصار والأزمات ويحملونها كل توابع فشل الإدارة، إدارة الكفاية، اسأل من يزورني منهم، اتركوا البشر يا أخي، واستثمروا في البقر، يضحكون، الى أن أسالهم: هل تعلم او تعلمين كم رأس بقر في سورية؟ واجيبهم لمعرفتي انه لم يخطر ببالهم ان يسألوا، عدد ابقارنا في العام 2021 وحسب الإحصاءات الرسمية 800 ألف بقرة ... نعم 800 الف بقرة! واتابع: كم عدد الابقار في هولندا برأيكم؟ واجيب ضمن دهشتهم: فقط مليون وستمائة ألف بقرة، أي ان سورية لديها نصف التعداد البقري الموجود في هولندا... هولندا التي تصدر كل منتجات الحليب الى العالم .... واتابع هل سمعتم مثلاً عن شركة المراعي المزودة للحليب ومنتجاته لكل الخليج العربي، لديها 140 الف بقرة وتنتج منها مليار ليتر حليب في السنة ... نحن لدينا 800 الف بقرة، وليس لدينا أي كفاية في مادة الحليب ولا منتجاته، لدرجة أنه سمحنا بإنتاج اشباه الاجبان والالبان ونستورد بودرة الحليب من هولندا لننتج الباننا واجباننا ... إذا لم يكن هذا هو اهم تعريف لفشل إدارة الموارد، ولفشل التخطيط الاقتصادي، ولفشل كل حكوماتنا الاقتصادية المتعاقبة منذ السبعينيات، فلا داعي لأن نعطي أي مثال آخر لمكامن فشلنا.. الذهنية الاقتصادية السورية منزلية ريفية لا تتجاوز حلولها، فراغ (البايكة) (مكان إيواء الحيوانات جانب المنزل في الريف)، كل خططنا كانت تهدف الى ملء تلك (البايكة)، نعطي قرض بقرة، نهدي اهل الشهداء بقرة، نصرف أموال معونات أممية على تدريب الفلاحيين والفلاحات على نظافة ضرع البقرة، وادوية البقرة. نهدر خطط في تأمين اعلافها، اعلافها التي قبل الحرب في سورية وصلت يوماً اغلى من ربطة الخبز ولجأ الفلاحون لاطعام بقراتهم خبزاً مدعوماً بدلاً عن العلف.. نهدر طاقات في حليب يحلب لبقرة او اثنتان، لا يصل السوق بشكل منافس، فنقل أطنان من الحليب لمن يعلم يكلف تقريباً نقل 20 او أربعين ليتر منه من منزل الفلاح الى السوق، هذا اذا وصل السوق اساساً ... لو سمحنا فعلاً بشركات عملاقة لانتاج الحليب ومشتقاته، وبنفس عدد الابقار الموجودة في سورية اليوم، لكنا انتجنا خمس مليارات ليتر حليب في السنة ، أي ما قيمته تقريباً بالسوق الحالية 5700 مليار ليرة سورية ، أو ما يعادل 1.6 مليار دولار حليب (هذا اذا افترضنا أن ليتر الحليب 1000 ليرة سورية). هل هناك حل لهذا الخطأ الإداري في إدارة البقر في سورية.. نعم ممكن، وأكيد لن نعالج هذا الخطأ مثلاً بنفس الذهنية الاقتصادية في مصادرة الحيازات الفردية للابقار وتجميعها في تعاونيات فلاحية، وانما بتأسيس مؤسسات مساهمة من القطاع الخاص او العام، لكن ليس لدي ثقة بقدرة القطاع العام على ذلك، فلا تجرب المجرب كما يقولون ... إذن نؤسس مؤسسات مساهمة، تكون حصة المساهم فيها بقرته، يسلمها ويتقاضى سنويا ضمان تشغيلها، ولمدد طويلة عشر سنوات مثلاً، مع ضمان حيازته، أي بقرته لا تموت في هذه الشركة، وتجدد حيازته كل خمس سنوات وكأن بقرته ولدت، وهذه ليست من اختراعاتي، هناك آليات معروفة في الصناعة تتعلق بإدارة الثروة الحيوانية، من الممكن أن نطبق اكثر من نموذج لها. الحلول في سورية كثيرة، وجميعها تبدأ وتنتهي عند حاجتنا لاعتماد سياسات اقتصادية غير التي نفذناها منذ عقود مضت. ان جبر خاطر فلاحنا لا يكون بدعمه ببقرة ، بل بدعمه مالياً ببقرة افتراضية ضمن مؤسسات كبيرة رابحة. العالم يتجه اليوم الى العملة الرقمية، والعمل عن بعد، فلم لا نبدأ الحديث جدياً عن سياسات إدارة البقر في سورية، واستبدال البقرة الفعلية ببقرة رقمية، قد لاتدر له حليب الصباح ، اساساً هو مله، وانما تدر له أرباح، وهذا مايحتاجه. إذن البقر بقرنا، والقرار قرارنا.. أما البدو والغنم فهم ناجحون ولايحتاجونكم بأي قرار، فقد ابعدوا نفسكم الاقتصادي الحامض عنهم.

 رشاد أنور كامل

 نيسان 2022


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق