أ.د: حيان أحمد سلمان. يشهد العالم لحظات توتر كبيرة من جراء مايجري على الحدود الروسية الأوكرانية وتحديدا في إقليم ( الدانباس ) الذي يضم الجمهوريتين المستقلتين ( لوغانسك ودانيسك ) وبناء على طلب شعبيهما ، ويوميا نشهد عبثا جديدا من قبل أمريكا مستغلة دول حلف (الناتو ) وتوسعه في دول شرق اوروبا لفرض شروطها على روسيا الصين وايران وسورية وكوريا الشمالية وفنزويلا وغيرها من الدول الرافضة للتبعية الامريكية ومحاصرتها اقتصاديا بهدف ترسيخ القطبية الامريكية الأحادية وامركة العالم وفقا لمصالحها ، وتجسد هذا في عهد بايدن بوضع روسيا (العدو الأول ) للغرب بعد أن كانت ( الصين ) في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق ( ترامب) والعمل لتقسيم بمساحتها البالغة اكثر من /17/مليون كيلو متر مربع وتشكل نسبة ( 1/8) من مساحة الأرض المأهولة بالسكان في العالم وسكانها بحدود /146/ مليون نسمة ، وبعد فشل الناتو في إثارة الفوضى في بيلاروس وكازاخستان تم الاعتماد على أوكرانيا بمساحتها /604/ ألف كم2 وعدد سكانها أكثر من /44/ مليون نسمة وهي تشكل خاصرة مؤلمة لروسيا ومفتاح أساسي لغزوها وتدميرها وخاصة مع سيطرة الاوكرانيين المعادين لروسيا والمدعومين من أمريكا وتركيا ، وهذا يفسر الهوس الغربي لتضخيم الدعايات الإعلامية والتحذير من أن روسيا ستحتل أوكرانيا وضم منطقة الدانباس ( لوغانسك ودانسك )علما ان الرئيس الروسي ( فلاديمير بوتين ) أكد أنه هذا غير وارد في التفكير والخطط الروسية ، واكتفت روسيا بالاستجابة لطلب السلطات الشرعية في هاتين الجمهوريتين ، والسؤال هنا هل تنطلق الحرب من حوض ( دونيتس) بين روسيا وأوكرانيا ،هذه المنطقة الهامة من الناحية الجيوسياسية والتربة الزراعية الخصبة والبنية الصناعية المتطورة ومناجم الفحم الحجري الكبيرة ، وهنا تجدر الإشارة إلى انه في سنة /1721/ اكتشف أكبر منجم للفحم الحجري في هذه المنطقة أي قبل/ 55/ سنة من تأسيس الولايات المتحدة الامريكية سنة /1776/ والتي أقيمت على إبادة شعب الهنود الحمر من قبل المهاجرين البريطانيين والذين شكلوا لاحقا أمريكا ، واستثمر هذا المنجم بشكل فعلي من قبل روسيا سنة /1913/ وكان يؤمن بحدود /87%/ من الفحم الحجري ( أي قبل تشكيل الاتحاد السوفيتي ) ، ومن جهة أخرى تشكل روسيا وأوكرانيا من إجمالي الصادرات العالمية من القمح أكثر من /30%/ وترافق هذا مع زيادة التلوث والتصحر والإساءة للبيئة وارتفاع أسعار الأسمدة والكهرباء ، وتعتبر روسيا من اكبر منتجي الغاز في العالم و أوكرانيا من اكبر الدول المنتجة للقمح والحبوب الأخرى وهي ( سلة الخبز الاوربية )، وكل هذا سينعكس على كل دول العالم ، والدليل على ذلك ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمحروقات في أغلب دول العالم ووصل سعر برميل النفط الخام على حدود /100/ دولار ليسجل ارتفاعا كبيرا لم يشهده من سنوات ،ومن المعروف ان أوروبا تعتمد على روسيا للحصول على حوالي 35 % من الغاز الطبيعي لكنها بتبعيتها لأمريكا فكأنها تعمل ضد مصالحها ، وبدأت تعبر عن هذا الكثير من المنظمات الشعبية الاوربية ، وخاصة من ناحية امتداد خطوط الأنابيب الروسية عبر (بيلاروس وبولندا إلى ألمانيا) ونورد ستريم /1/ من روسيا إلى ألمانيا عبر أوكرانيا ، وهذا بفسر توجه الإدارة الامريكية وتمدد الناتو في ( بولندا ورومانيا ومولدافيا والبحر الأسود وتركيا) وغيرها ، فهل تسعى واشنطن إلى تشكيل (ناتو آسيوي) لمواجهة الاقتصاديات الناشئة وخاصة روسيا والصين ؟، كما سيؤدي هذا أيضا إلى ارتفاع الأسعار العالمية والتضخم النقدي وارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الاستثمارات ، فهل يتولد حلف عالمي يقاوم نزعة السيطرة الامريكية ويتخلص من ( دولارها ) ومنظومة (السويفت SWIFT )التي تستخدمها لتنفيذ إرهابها الاقتصادي والتي تأسست في بداية سبعينات القرن الماضي كاستجابة لمتطلبات الاقتصاد الأمريكي للسيطرة على التجارة العالمية ، وبرأبنا ان هذا ممكن وكل المقد ما ت الموضوعية لذلك مؤمنة ، فلنتخيل ماذا لو اوجدت دول شنغهاي نظامها الخاص بها وهي تضم دول كبيرة وهامة (روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان والهند وباكستان وايران) ، ويمكن لروسيا مثلا أن توسع وتفعل نظام الدفع الخاص بهاSPFS والذي تأسس سنة /2014/ بعد عودة جزيرة القرم لوطنها الأصلي وكرد على العقوبات الغربية عليها ، ويتم حاليًا 20% من التحويلات المحلية من خلالSPFS ، كما يمكن للصين أن تفعل نظامها النقدي الخاص بها كبديل أخر لنظام SWIFT ، وفي حال تعاون هذه الدول ستتكون ( منطقة نقدية ) تقول وداعا للدولار والسويفت والإرهاب الاقتصادي الأمريكي ، ؟! وتؤكد الدراسات الاقتصادية انه قبل منظومة السويفت كان النظام المالي العالمي يعمل بشكل اكثر أمنا وأمانا منه الأن ، فهل نبدأ بالخطوة الأولى وهي إيجاد نظام جديد بديل عن السويفت؟!. دمشق
|