دمشق-سيرياستيبس:

يجمع الاقتصاديون في الحكومة والقطاع الخاص على أن مواجهة تداعيات العقوبات الخارجية والمتمثلة حاليا في تراجع سعر الصرف، تكمن في تشجيع الإنتاج المحلي بشقيه الزراعي والصناعي، بحيث تكون البلاد قادرة على توفير القسم الأكبر من احتياجاتها المحلية والتقليل إلى أقل قدر ممكن من المستوردات مع فتح الباب أمام تصدير الفائض من المنتجات إلى الأسواق التي لاتزال السلع السورية قادرة على المنافسة فيها.

لكن ما يلاحظ أن الحديث عن تشجيع الإنتاج المحلي لا تزال عبارة عن خطط على الورق في كثير من المؤسسات والجهات التي تعجز إداراتها عن الخروج من القوقعة التي أدخلت نفسها فيها وتجعلها بعيدة عن اعتماد آليات عمل جديدة تثمر تدريجيا ويلمس نتائجها المعنيون في كل قطاع. فمثلا في القطاع الزراعي الذي لا يزال يعول عليه في توفير الحد الأدنى من الأمن الغذائي للمواطنين فإن هناك تناقض واضح بين ما تقوله وزارة الزراعة ومديرياتها في المحافظات وما تقدمه من بيانات وأرقام حول المساحات المزروعة خلال السنوات السابقة وحجم الإنتاج الزراعي وبين ما يلمسه كل مواطن ويعيشه يومياً، لاسيما المواطنون الذين يعيشون في المناطق التي يقال إن مساحاتها عادت للاستثمار الزراعي ولعل ملف القمح وحجم الإنتاج المحلي وما يتم تسوقه سنوياً بشكل دليلاً آخر على الفجوة المتشكلة بين تصريحات المسؤولين في وزارة الزراعة وما يتحقق على الأرض.

ومن غير المنطقي الاستمرار بهذه السياسة في المرحلة القادمة وفي هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، فتنشيط الإنتاج الزراعي وزيادة معدلاته مرتبط بخطوات أساسية أهمها دعم الفلاح في مستلزمات الإنتاج وفي مصادر الطاقة وهذا سيكون كفيلاً بالتزام الفلاحين بالخطط الزراعية الموضوعية لكل منطقة، كما أنه من الضروري تسهيل عمليات نقل المنتج الزراعي بين المحافظات بعيدا عن العمولات والأتاوات وإجراءات العرقلة التي تتسب بتلف المحاصيل وتأخر وصولها إلى الأسواق المحلية وخسارة أصحابها، ومساعدة الفلاحين على تسويق منتجاتهم داخليا وخارجيا وفق آليات عمل واضحة تبتعد عن الاستثنائية والعشوائية والارتجال.

البلاد تحتاج في المرحلة القادمة قرارات على مقاس قرار الحكومة أمس القاضي بشراء القمح بسعر اعتبره المختصون في الشأن الزراعي بداية موفقة لاستجرار محصول القمح وتأمين احتياجات البلاد من المادة الرئيسية لغذاء السوريين كل يوم والاستغناء عن الاستيراد وما يتطلبه ذلك من قطع أجنبي.

طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق