سيرياستيبس كتب الاعلامي معد_عيسى قبل عام من الآن كانت تُقابل التحذيرات من أزمة مياه بالسخرية والاستهزاء ، أما اليوم فقد أصبحت الأزمة واقعا أكبر مما كان يتوقعها البعض وذلك لعدة أسباب، أولها احتباس الأمطار وانخفاض معدلات هطولها إلى أقل من ٣٥ % ، وثانيا لأن شبكة المياه مُدمرة وشبه منهارة ، وثالثا لعدم توفر الأموال الاعتمادات لمواجهة الأزمة. أزمة المياه في #سوريا لا تقتصر على مياه الشرب فقط وإنما أزمة لكل القطاعات ولا سيما الزراعي و ستكون المياه من أكبر #تحديات_الاستثمار ولا سيما العقاري والسياحي .
*جفاف الينابيع والمسطحات المائية * حجم الأزمة أكبر بكثير مما يعتقد البعض ، فالأزمة أخرجت سيناريوهات جر المياه من الساحل الى الداخل بعد جفاف عدد كبير من الينابيع وتدني غزارة ما تبقى لأقل من الربع ، والمسطحات المائية ( السدود والبحيرات ) وصل تخزينها إلى الاحتياطي الميت (سد الابرش في طرطوس انخفض التخزين من ١٠٥ مليون متر مكعب إلى ١٦ مليون متر مكعب ) والأمر ينسحب على كافة المسطحات المائية التي اختفى بعضها بسبب تدني الهطولات وزيادة التبخر مع ارتفاع درجات الحرارة ، والوضع في دجلة ليس بأفضل حالا و ربما شاهد الجميع سرير النهر شبه الجاف وليس الوضع أفضل لبقية المصادر المائية مثل نهر العاصي الذي امتلأ مجراه بالأسماك النافقة بعد جفاف المجرى . #مياه_الساحل خرجت من حسابات جر المياه للداخل ولم يبق منها سوى خيار تحلية مياه البحر ، والمصادر الأخرى تراجعت غزارتها واختفى بعضها فما الحل ؟. ضمن هذا الوضع من العجز المائي يبرز موضوع #استمطار_السحب أو ما يُعرف بالاستمطار الصناعي كخيار أول لزيادة الهطولات المطرية وتقليل العجز المائي وتلبية حاجة القطاعات ولا سيما الزراعي ومياه الشرب ، حيث يمكن زيادة الهطولات المطرية ما بين ١٠ و ٤٠% من المعدلات السنوية حسب التجارب السابقة و تجارب دول أخرى وهذه النسبة تحددها طبيعة الغيوم وتراكماتها و توقيت استمطار الغيوم . * أول تجربة * مشروع الاستمطار في سوريا ليس بجديد ويعود لبداية تسعينيات القرن الماضي حيث شكلت في عام 1990 لجنة فنية من وزارة الزراعة والقوى الجوية والأرصاد الجوية و الاستشعار عن بعد و أجرت اللجنة اتصالات مع مختلف الهيئات العلمية والمؤسسات والشركات العالمية ذات الخبرة في الاستمطار من اجل إجراء تجربة في موسم 1990 –1991 وكذلك من اجل جمع ومفاضلة اكبر قدر ممكن من المعطيات للحصول على عروض لتأسيس وتشغيل مشروع استمطار السحب في سورية اعتمادا "على القدرات الذاتية والاستعانة بالخبرة الأجنبية اللازمة وتأمين مستلزمات هذا المشروع من تقنيات وكوادر مؤهلة ومدربة
*أضافت 3.2 مليار متر مكعب* و أوضحت المهندسة عبير زكريا رئيسة دائرة الاستمطار في وزارة الزراعة أن أول تجربة استمطار في سوريا تمت خلال الفترة من13 آذار وحتى 25 نيسان 1991 بموجب عقد خاص تضمن استئجار أربع طائرات روسية تحتوي على أجهزة مراقبة الغيوم و استخدمت محطتي استقبال صور الأقمار الصناعية ومحطتي رادار طقس ونفذت أعمال الاستمطار خلال أربعة أشهر (كانون أول، كانون ثاني ، شباط ، آذار ) حيث تم تنفيذ /360 /ساعة طيران من خلال /93/طلعة طائرة وكانت نتيجة تقييم أعمال الاستمطار ولكامل فترة الاستمطار بلغت كميات الهطول الإضافية الناجمة عن أعمال الاستمطار 3,2 مليار م3 وبالتالي بلغت نسبة الزيادة 10,4 %من الهطولات الطبيعية المتوقعة . على ضوء التجربة ونجاحها تم توقيع عقد بين وزارة الزراعة والمرصد الجوي الروسي لإقامة مشروع سوري متكامل لزيادة الهاطل المطري اصطناعيا" و أشارت زكريا أن المشروع تضمن تقديم وتركيب وصيانة التجهيزات ومواد الزرع اللازمة لزرع الغيوم في الأجواء السورية وتدريب الكوادر السورية المختصة لتصبح قادرة على قيادة وتنفيذ جميع الأعمال مستقبلا" وقيادة أعمال المشروع لخمسة فصول مطرية بدءا" من موسم 1992 –1993 حيث يلتزم الجانب الروسي بتوريد وتركيب وتجهيز وصيانة جميع التجهيزات الجوية اللازمة لتنفيذ أعمال زيادة الهاطل المطري وفقا" للتقنيات الحديثة المصممة من قبله وقد استمر العمل بمشروع الاستمطار لغاية عام 2012 بالعمل بالشكل الأمثل مع إعطاء نتائج جيدة بزيادة الهطولات المطرية حيث تم التوقف عن الطيران بأمر من قيادة القوى الجوية والدفاع الجوي . *زرع الغيوم * الاستمطار يتم بزرع الغيوم الركامية “بنويات” تجمد صناعية تُنثر في الغيوم لأن “نويات” التجمد الطبيعية في الغيوم غير كافية من أجل تجميد أكبر كمية من المياه غير المبردة الموجودة في الغيوم وتحويلها إلى بلورات ثلجية ثقيلة تنهمر بفعل التثاقل لتعود للحالة السائلة أثناء مرورها بدرجات حرارة أقل وتسقط أمطارا ، أما المواد الممكن استخدامها للزرع في الغيوم فهي غالبا "يوديد الفضة و ثاني أكسيد الكربون المجمد والأملاح الرطبة وكلوريد الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم ويتم زرعها في الغيوم عن طريق الطائرات أو الصواريخ و مضادات الطائرات أو بأجهزة ومولدات أرضية . أما عن الجدوى فقد تصل إلى٤٥ % حسب تصريحات سابقة لمدير المشروع الدكتور علي عباس عام ٢٠١١ رغم أن بعض القائمين الحاليين يشككون في الرقم بناءا على متابعات للنتائج في دول أخرى ولكن بكل الأحوال النتائج كبيرة ومنقذة ولا سيما لحالة بلد كسوريا يعاني من نقص حاد في المياه .
*مشروع جديد *
بالعودة للمشروع القديم وفيما إذا كان بالإمكان الانطلاق منه قالت السيدة زكريا : تعرضت محطات رادار مشروع الاستمطار الأربعة الى تدمير خلال سنوات الحرب وهي متواجدة في (دمشق- حلب-طرطوس-دير الزور) كما تعرضت الطائرات الأربعة المستخدمة في عمليات الزرع الى تدمير خلال سنوات الحرب . وتابعت زكريا : عام 2022 تم عقد عدة اجتماعات بمشاركة كافة الجهات المعنية وتم وضع خطة لإعادة إحياء المشروع على المدى القريب و المتوسط و البعيد ولكن بسبب العقوبات ولانقطاع العلاقات مع أغلب الدول الأجنبية وللكلفة الكبيرة لإعادة الإحياء وتحديث محطات الرادار والطائرات لم نتمكن من تحديث المنظومة أو شراء منظومة جديدة ، حاليا يتم انتظار الهيكلية الجديدة لإعادة أحياء مشروع الاستمطار نظرا لأهميته الكبيرة وخاصة في ظل التغيرات المناخية الحالية .
#أخيرا الاستمطار الصناعي انتشر في أكثر من 40 بلدا وفي المقدمة الولايات المتحدة وروسيا والصين والسعودية و الإمارات و المغرب و عُمان وما نراه من فيضانات وهطول غزير للأمطار في دول الخليج ناتج عن الاستمطار الصناعي الذي أنقذ الكثير من القطاعات ، أما في سوريا فالأمر أصبح أكثر ضرورة ولحسن الحظ أصبحت التكاليف أقل بكثير بظل التقدم التقني ولا سيما استبدال الطائرات المُكلفة #بطائرات_مُسيرة ، ومجموعة محطات الرصد بمحطة واحدة وبتجهيزات مُختصرة و أكثر دقة في المعطيات . الاستمطار الصناعي أصبح مشروع الضرورة في سوريا حتى لو كانت التكاليف عالية ، فبدون المياه لا زراعة ولا استثمار ولا سياحة ولا حياة وهناك بعض الدول تلجا للاستمطار حتى في السنوات الوفير مطريا لتعزيز المخزون المائي وسد العجز مُستغلة مناسبة الظروف لعملية الاستمطار وزرع الغيوم .
الثورة
|