حبيب شحادة

عمرها أكثر من 100 عام. كانت تنتشر في شوارع دمشق كأسرع وجبة يمكن أن يتناولها أي عابر. وجبة "بيضة ورغيف" لا تزال حيّة رغم انتشار ظاهرة الأكلات الغربية في دمشق وغيرها من المدن السورية.

في منطقة باب الجابية، وعلى زاوية من مدخلها، ما زال محمد سليمان نصري يجلس على بسطته منذ 29 عاماً، تلك البسطة التي تجاوز عمرها 150 عاماً في نفس المكان. يقول نصري لـ "الأيام" إنّه يعمل بتلك المهنة منذ عام 1990 وحتى اليوم، حيث ورث العمل بها عن أبيه.

ويستذكر نصري آلية تحضير البيض سابقاً بالقول " كان البيض يُحضّر شواءً في الفرن الحجري القديم المعروف بـ "الأميم"، حينها كان العامل يضع البيض في الفرن وعليه طبقة من قشر "البصل والتبن" كي لا يحترق". أما اليوم فقد اختلفت الطريقة وأضحى البيض يُحضّر على الطاقة الحرارية وغلياً بالماء.

يعمل نصري يومياً منذ الساعة السابعة صباحاً وحتى الخامسة مساءً، حيث يقوم بسلق البيض وتحضير عدة شغله المرافقة من بطاطا وبقدونس وبعض البهارات. يقول: "يومياً أسلق تنكتين من البيض، كل تنكة تحتوي بحدود الـ 200 بيضة".

يبلغ ثمن سندويشة البيض 250 ليرة سورية متضمنة بيضتين، بينما سندويشة الثلاث بيضات يبلغ ثمنها 350 ليرة. يقول نصري إن ارتفاع الأسعار ومنها سعر البيض أثر على عمله اليومي. حيث كان سابقاً يبيع حوالي 12 تنكة بيض مسلوق، بينما اليوم لا يتجاوز مبيعه الـ 400 بيضة. ويضيف أن "السوق كل مانو لورا، والناس طفرانة اليوم، بينما سابقاً كنا نشتغل بـ 500 ليرة تكفي مصروف عائلتي"، حيث كانت الحياة على البركة وفقاً لتعبيره.

ورغم توجه جيل الشباب نحو الوجبات الغربية (سناك) بدرجة أكبر من وجبة (البيضة ورغيف) إلا أن نصري ما زال يعتبر أن تلك الوجبات الغربية غير صحّية، ويقول إن وجبته تعتبر أكلاً طبيعياً صحّياً، وأن هناك يومياً قاضياً ومحاميين اثنين يأكلون من بسطته، إضافة لزبائنه من بقية الناس.

هكذا تبقى أكلة "بيضة ورغيف" حيّة رغم تغير سلوك الاستهلاك اليومي للناس على مر السنين.

طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق