سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:07/09/2025 | SYR: 20:17 | 07/09/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



 عاصفة بيع تضرب أسواق السندات الدولية... ومخاوف من "فخ مالي"
04/09/2025      

سيرياستيبس 

تشهد أسواق الدين العالمية، وفي مقدمتها سوق السندات في الأيام الأخيرة عاصفة بيع كثيفة، دفعت عوائد أدوات الاستثمار طويلة الأجل إلى مستويات قياسية في أكثر من اقتصاد رئيسي، وهو ما يعكس مزيجاً من المخاوف المتصاعدة بشأن التضخم، وتفاقم الدين العام وضعف الانضباط المالي وزيادة المخاطر الجيوسياسية، إضافة إلى حالة من عدم اليقين حيال استقلالية السياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى. فقد سجلت عوائد السندات اليابانية لأجل عشرين عاماً أعلى مستوياتها منذ عام 1999، في حين ارتفعت عوائد السندات الأسترالية لأجل عشر سنوات إلى مستويات لم تشهدها الأسواق منذ منتصف يوليو/تموز الماضي، بينما اقتربت عوائد سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل من مستوى 5% الذي يمثل خطاً نفسياً فاصلاً بالنسبة للمستثمرين والمحللين على حد سواء، بحسب "بلومبيرغ". كما ارتفعت عوائد السندات البريطانية لأجل 30 عاماً إلى 5.7%، وهو أعلى مستوى منذ 1999.

المستثمرون أبدوا قلقاً واضحاً من السياسات المالية التوسعية التي تتبناها حكومات كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان، حيث تشير التقديرات إلى أن إجمالي مبيعات السندات الحكومية الأميركية وحدها في سبتمبر/أيلول الحالي قد يتجاوز 150 مليار دولار، وهو ما يعني ضغوطاً إضافية على أسواق الدين من حيث زيادة العرض وتراجع الأسعار وارتفاع العوائد، بحسب "ماركت ووتش". وتعقّد هذه الضغوط المشهد بالنسبة لصناديق الاستثمار العالمية، إذ يجد المستثمرون أنفسهم أمام معادلة صعبة تجمع بين ضرورة التحوط من التضخم، وتجنب مخاطر الإفراط في الاقتراض الحكومي، ومتابعة توجهات البنوك المركزية التي بدأت في خفض أسعار الفائدة في بعض الاقتصادات الأوروبية والآسيوية، بينما تصعد العوائد الطويلة بشكل معاكس لتلك الاتجاهات.

المفارقة أن الأسواق تعكس حالياً توقعات أسوأ بالنسبة للمدى الطويل مقارنة بالقصير، وهو ما يترجم إلى ما يعرف في الأدبيات المالية بـ"انحدار منحنى العوائد"، وهي رهانات تحقق أرباحاً مع اتساع الفارق بين عوائد السندات القصيرة والطويلة، وقد شهدت بالفعل طلباً متزايداً في الأسابيع الأخيرة. والسندات هي أوراق مالية تصدرها الحكومات أو الشركات من أجل تدبير سيولة وجمع الأموال من الاسواق، بحيث يشتريها المستثمرون مقابل وعد بالحصول على فائدة ثابتة واسترداد أموالهم في موعد محدد. ويمكن تشبيه السندات بالقرض، لكن في صورة ورقة مالية يمكن بيعها وشراؤها في الأسواق، ولهذا يفضلها كثير من المستثمرين لأنها أكثر أماناً من الأسهم وتمنح دخلاً منتظماً.

وتلجأ الدول عادة إلى إصدار السندات عندما تحتاج إلى أموال إضافية لتغطية العجز في ميزانياتها أو لتمويل مشروعات كبيرة مثل الطرق أو المستشفيات، بدلاً من زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق بشكل مفاجئ. كما تساعد أسواق الدين الحكومات على الحصول على تمويل سريع من المستثمرين المحليين والأجانب. لكن الاعتماد الزائد على السندات يجعل الدول أكثر عرضة لمخاطر ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة أعباء خدمة الديون، وهو ما يفسر القلق العالمي الحالي من موجة بيع السندات وارتفاع عوائدها.
أزمة مالية في بريطانيا
في المملكة المتحدة، تثير التطورات الحالية مخاوف جدية بشأن قدرة الحكومة العمالية الجديدة على إدارة التوازن بين متطلبات السوق من جهة والالتزامات الاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى. فقد تجاوز العائد على السندات البريطانية لأجل ثلاثين عاماً 5.7%، وهو الأعلى منذ نهاية التسعينيات، ما يعني أن تكلفة خدمة الدين العام ارتفعت بنحو ثمانية مليارات جنيه إسترليني إضافية منذ آخر مراجعة مالية في مارس/آذار الماضي. كما أن هذه الزيادة تضيق هامش المناورة أمام وزيرة المالية راشيل ريفز التي تواجه أصلاً ضغوطاً حزبية داخلية وخارجية، إذ يطالب المستثمرون بسياسات أكثر صرامة في خفض العجز المالي، بينما تخشى الحكومة من إدخال الاقتصاد في حلقة انكماشية بفعل زيادة الضرائب وتقليص الإنفاق.

ويصف خبراء اقتصاديون هذا الوضع بأنه "فخ مالي" قد يدفع بريطانيا نحو دوامة من تباطؤ النمو وتراجع الإيرادات الضريبية وزيادة الاقتراض، وهو ما يذكر بأزمة "الموازنة المصغرة" التي شهدتها البلاد عام 2022 خلال فترة رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، والتي هزت الأسواق وأدت إلى انهيار سريع في الثقة. ولجأت الحكومة البريطانية إلى إصدار سندات طويلة الأجل لتمويل التزاماتها المالية، لكن ارتفاع العائد على السندات لأجل 30 عاماً إلى نحو 5.7% يعني زيادة مباشرة في تكلفة خدمة الدين. وتخشى الأوساط الاقتصادية أن تدخل لندن في ما يسمى "حلقة الديون"، حيث تضطر لزيادة الضرائب أو خفض الإنفاق لإرضاء الأسواق، مما قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.

قلق واسع في أميركا
أما في الولايات المتحدة، فإن اقتراب العائد على السندات طويلة الأجل من حاجز 5% يثير قلقاً واسعاً في أوساط المستثمرين العالميين، خاصة أنه يأتي في وقت يستعد فيه البنك الاحتياطي الفيدرالي لمراجعة سياساته النقدية في ظل تضخم لا يزال صعب الاحتواء وضغوط سياسية متزايدة على استقلاليته. ورغم أن عوائد السندات قصيرة الأجل تراجعت نسبياً مدفوعة بتوقعات خفض الفائدة، فإن العوائد الطويلة واصلت الارتفاع، ما يعكس مطالبة المستثمرين بعلاوة مخاطر أكبر مقابل الاحتفاظ بأدوات الدين الممتدة لآجال أطول.

ويثير هذا الاتجاه غير المعتاد تساؤلات حول قدرة الحكومة الأميركية على تمويل احتياجاتها الضخمة في ظل العجز المتفاقم، بحسب تقارير أميركية، حيث حذر خبراء من أن استمرار هذا المسار قد يؤدي إلى إعادة تسعير شامل لكلفة الدين السيادي الأميركي، وهو ما سينعكس على كافة قطاعات الاقتصاد من الرهون العقارية إلى تمويل الشركات. وتعد سندات الخزانة العمود الفقري لتمويل الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة، حيث تجاوز الدين العام الأميركي 34 تريليون دولار مطلع 2025 وفق بيانات وزارة الخزانة. ولتمويل هذا الدين الهائل، تطرح الحكومة بشكل دوري مزادات لسندات قصيرة وطويلة الأجل، وقد بلغت إصداراتها الشهرية في بعض الفترات أكثر من 150 مليار دولار.
تحول لافت في الأسواق
اليابان بدورها لم تكن بعيدة عن هذه الموجة، فقد ارتفعت عوائد السندات الحكومية لأجل عشرين عاماً إلى أعلى مستوى منذ ربع قرن، وهو ما يعكس ليس الضغوط العالمية فقط، ولكن أيضاً الشكوك المتنامية حول سياسات بنك اليابان الذي يواجه معضلة الجمع بين دعم النمو الضعيف من جهة وكبح التضخم المتصاعد من جهة أخرى. اللافت أن الأسواق اليابانية عادة ما كانت بمنأى عن مثل هذه التقلبات، لكن التحولات الأخيرة أظهرت هشاشة في القدرة على ضبط توقعات المستثمرين، ما قد يجبر البنك المركزي الياباني على مراجعة أدواته غير التقليدية مثل التحكم في منحنى العوائد. وفي أستراليا، ارتفعت عوائد السندات لأجل عشر سنوات إلى أعلى مستوياتها منذ يوليو/تموز الماضي، لتضيف بعداً جديداً على خريطة القلق التي تعم الأسواق الآسيوية.

ولم تقتصر آثار الأزمة على أسواق السندات فقط، بل امتدت إلى أسواق الأسهم والذهب والعملات. فقد تراجع مؤشر ASX 200 الأسترالي بأكثر من 1.8% في يوم واحد، ما يعادل خسائر سوقية بلغت نحو 57 مليار دولار أسترالي، مع هروب المستثمرين نحو أصول أقل مخاطرة. وفي الوقت نفسه، ارتفع الذهب إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت 3500 دولار للأوقية في بعض جلسات التداول، معززاً مكانته ملاذاً آمناً في أوقات الاضطراب، وفق بيانات "رويترز". أما العملات، فقد شهد الجنيه الإسترليني تراجعاً ملحوظاً أمام الدولار واليورو، متأثرا بارتفاع تكاليف الاقتراض وتزايد مخاوف المستثمرين من فقدان الحكومة البريطانية السيطرة على سياستها المالية.

سبتمبر الأسوأ
يعد شهر سبتمبر تاريخياً من أسوأ الأشهر أداء للسندات طويلة الأجل، حيث تشير بيانات "بلومبيرغ" إلى أن متوسط الخسائر الشهرية لهذه الفئة يبلغ نحو 2% خلال العقدين الماضيين. إلا أن ما يجعل الوضع الحالي مختلفاً هو تزامن عدة عوامل في آن واحد: العجز المالي المتصاعد، والتضخم العنيد، والتغير في توقعات السياسات النقدية، والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة من أوكرانيا إلى شرق آسيا. هذه العوامل مجتمعة خلقت عاصفة جعلت الأسواق تدخل مرحلة جديدة ربما تنهي عصر "الأموال الرخيصة" الذي ساد منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. فخلال العقدين الماضيين، اعتاد المستثمرون والحكومات على معدلات فائدة منخفضة مكنتهم من الاقتراض بكلفة زهيدة وتمويل توسعات مالية ضخمة دون مواجهة تكاليف مباشرة. غير أن ارتفاع العوائد الحالية يضع حداً لهذه "الفانتازيا المالية" كما وصفتها "بلومبيرغ"، ليعيد من جديد فرض معادلة اقتصادية كلاسيكية مفادها أن المخاطر الأعلى تعني عوائد أعلى.

وأشارت مؤسسات مالية كبرى مثل بلاك روك وفرانكلين تمبلتون في مذكراتها الأخيرة إلى أن الأسواق تعكس الآن إدراكاً متزايداً لمخاطر الاستدامة المالية في الاقتصادات المتقدمة. فبحسب "بلاك روك"، فإن "المخاوف بشأن استدامة الدين ومخاطر الركود التضخمي تبقي الضغوط متركزة على نهاية المنحنى الطويل"، بينما يرى محللو "تمبلتون" أن السندات قصيرة الأجل ستتفوق على نظيراتها الطويلة في الأداء، وهو ما يعكس تحولاً استراتيجياً في توجهات المحافظ الاستثمارية العالمية. وقد يكون هذا التغيير في المزاج الاستثماري له تداعيات عميقة على الأسواق الناشئة التي تعتمد على تدفقات رأس المال الأجنبي، إذ من المرجح أن تواجه ضغوطاً إضافية مع إعادة توجيه الأموال نحو السندات الأميركية والأوروبية ذات العوائد المرتفعة.

سيناريو محتمل
وحول ما إذا كانت هذه الموجة تمثل تصحيحاً مؤقتاً في الأسواق أو بداية تحول هيكلي طويل الأمد، يرى بعض المحللين، بحسب تقارير غربية، أن ارتفاع العوائد قد يتراجع تدريجياً مع بدء البنوك المركزية في خفض أسعار الفائدة، وهو ما قد يخفف من الضغوط على الموازنات الحكومية. غير أن آخرين يحذرون من أن العجز المالي المتفاقم، والتكاليف الديموغرافية لشيخوخة السكان، وتباطؤ النمو العالمي، كلها عوامل ستبقي العوائد مرتفعة لفترة أطول مما يتوقعه المستثمرون. وقد يعني هذا السيناريو الأخير أن العالم مقبل على مرحلة شبيهة بالثمانينيات، حين ارتفعت العوائد بشكل حاد بسبب التضخم المزمن وتغير قواعد النظام المالي العالمي بعد انهيار نظام بريتون وودز.

في المجمل، تبدو أسواق السندات العالمية في مواجهة اختبار تاريخي يعيد صياغة مفاهيم الأمان والملاذات التقليدية. فالسندات الحكومية التي اعتبرت لسنوات طويلة أصولاً خالية من المخاطر لم تعد كذلك في أعين المستثمرين، ما يفرض على الحكومات تبني سياسات مالية أكثر انضباطا وعلى البنوك المركزية توضيح استراتيجياتها بشكل أكبر.

العربي الجديد 


طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16


Orient 2022



معرض حلب


ChamWings_Banner


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس