سيرياستيبس
كتب الباحث الاقتصادي عبد الحميد القتلان :
رغم كل ما يقال عن قوة روسيا العسكرية والسياسية وقوة وصمود الاقتصاد الروسي في ظل العقوبات الحصار الغربي عليها , طيلة الثلاث سنوات السابقة في حربها الشاملة والعنيفة مع اكرانيا , ورغم قوة الرئيس بوتين وعدم الأمكانية للضغط علية من اجل الحصول على أي تنازل في الحرب او حتى إيقاف إطلاق النار
إلا أن روسيا في مأزق حقيقي وأزمة اقتصادية جادة جدا ومن الممكن أن تُؤثر على قدرتها في الاستمار في الحرب وتحقيق انتصار على أوكرانيا .
في الواقع إنّ يد روسيا لا تزال هي العليا في الحرب في اكرانيا وزمام الامور وسير المعارك في كل يوم لصالح روسيا رغم الدعم الغربي غير المحدود لأوكرانيا من السلاح والتقنية والمعلومات الاستخباراتية لكن لا يزال التفوق والسيطرة لروسيا
روسيا لديها موارد طبيعية طبيعة جبارة وغير محدودة – وامكانيات كبيرة جدا – وقوة عسكرة عظمى , واقتصاد قوي جدا رغم اعتماده على الاقتصاد الريعي , وصمد طيلة مدة الحرب حتى الان ..
يدير الاقتصاد الروسي مجموعة من الخبراء الوطنيين الممتازين والاذكياء , على رأسهم النابغة "الفيرا نابيولينا" , حاكمة بنك روسيا المركزي – والتي يثق بها الرئيس بوتين جدا , والتي أدارت الاقتصاد الروسي ببراعة طيلة الفترة السابقة لكن كل هذا ممكن ان ينتهي حاليا وذلك بسبب عدة عوامل
أهمها
- ارتفاع قيمة الدين المحلي وارتفاع قيمة الفائدة : فمن اجل الاستمرار في الحرب , تحتاج روسيا الى الكثير من العتاد العسكري والاسلحة , والكثير من الوقود ومن المواد الاولية , ومن أجل هذا اصدرت الحكومة الروسية أوامر للبنك المركزي بأن يامر البنوك باقراض وتفضيل شركات السلاح الروسية في الاقتراض من البنوك
وهذه الشركات هي شركات خاصة وهي تقوم بصنيع السلاح وتسليمه للدولة الروسية التي تقوم بالدفع لهذة الشركات , وفعلا قامت البنوك الروسية باعطاء قروض كبيرة جدا لهذة الشركات دون أن تتأكد من أن هذة الشركات قادرة على السداد , طبعاً البنوك الروسية تُقرض هذة الشركات من أموال المودعيين ومن أموال الإيداعات للشركات الروسية في البنوك الروسية
بلغت قيمة هذه القروض 520 مليار دولار امريكي حتى الان , ولا تزال البنوك الروسية تقرض هذة الشركات , وهذة الشركات لم تسدد اي من القروض التي عليها حتى الان , وذلك بسبب ان الحكومة الروسية لا تسدد لها قيمة الاسلحة
.
- الدولة الروسية تعاني في نقص في السيولة وعجز في الميزاينة يزداد مع مرور الوقت – بسبب انخفاض الايرادات – حيث ان سعر النفط انخفض بشكل كبير الى اقل من 60 دولار للبرميل – الأمر الذي أثر على الايرادات الروسية في الكمية التي تبيعها روسيا في السوق السوداء خارج حصتها في أوبك , وحيث ممنوع على روسيا أن تبيع البرميل بأكثر من 50 دولار للبرميل بشكل نظامني بسبب العقوبات والحظر الغربي عليها
-روسيا تواجة صعوبه في بيع غازها الى أوربا بسبب الحرب والعقوبات عليها – هي تبيع للصين كميات كبيرة من الغاز – الا ان الصين تستغل كل هذا وتشتري الغاز الروسي بثمن أقل من الثمن العالمي الذي انخفض أساساً بسبب كثرة العرض
- ارتفاع سعر الفائدة في البنك المركزي الروسي – من أجل الحفاظ على قيمة الروبل , ومن أجل الحفاظ على مستوى سيولة مقبول في الأسواق الروسية من أجل السيطرة على التضخم , فقد تم رفع سعر الفائدة في البنك المركزي عدة مرات , من 5% في بداية الحرب مع اكرانيا الى 22% حالياً , بالتالي فإنّ زيادة الفائدة على الودائع يعني زيادة الفوائد على القروض وبالتالي أي شخص سوف يقترض من بنك روسي حالياً سوف يدفع مبلغ فائدة مرتفع على قرضه و وهذا سوف يدمر الشركات , اذا كانت أرباح الشركات الخاصة غير العاملة في القطاع الدفاعي والحربي هي بحدود 20% وفي القطاع الصناعي 25% - هذا يعني أنّ الشركة سوف تدفع كامل أرباحها إن حققت فوائد على القروض التي تأخذها من البنوك الروسية – وعلية هناك خطر حقيقي بأن تفلس هذة الشركات وتتوقف عن العمل ولا تسطيع تسديد لا القروض ولا الفوائد
- ارتفاع نسبة التضخم بسبب زيادة السيولة في السوق نتيجة ضخ القروض في السوق للشركات المرتبطة بالصناعات الدفاعية حتى وصل الى 10% , ومن المؤكد أنّ التضخم أكبر مما تعلن عنه الدولة الروسية
كل هذا ممكن ان يؤدي في حال استمرار الحرب لاكثر من 6 أشهر اخرى الى إفلاس العديد من الشركات الروسية بالتالي افلاس الكثير من البنوك الروسية ودخول البلاد في فوضى اقتصادية تؤدي الى اضطرابات داخلية في روسيا وتفاقم العديد من المشكلات الحالية في روسيا الداخلية في العديد من الجمهوريات الاتحادية – يكون أخفها خسارة الحرب في أكرانيا أو على الاقل الخضوع للضغوط من أجل التنازل عن أراضي احتلتها واعادتها الى اوكرانيا